هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    منهج القرآن الكريم في التربية

    Admin
    Admin
    Admin


    المساهمات : 98
    تاريخ التسجيل : 28/02/2010

    منهج القرآن الكريم في التربية Empty منهج القرآن الكريم في التربية

    مُساهمة  Admin الخميس مارس 18, 2010 12:43 pm

    نثرت ما في جعبتي المتواضعة ، مما منحني الله من خدمة للقرآن الكريم وعلومه ، على مدى عشرين عاماً فرأيت أن أسير بخط متوازي مع ما يدعوا له هذا الموقع المتميز ، من ضرورة الاهتمام بالتربية الإسلامية ، على منهج قويم سليم ، خاصة وأن القرآن الكريم قد اعتنى بهذا الجانب المهم اهتماماً كبيراً ، ليس في جانب التلقين والتذكير والوعظ فحسب ، بل حتى في جانب السلوك والتطبيق العملي ، الذي هو الهدف من وراء اهتمام القرآن الكريم بهذا الجانب ، ولذا قال الله تعالى في سورة النساء (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً وإذا لآتيناهم من لدنا أجراً عظيماً ولهديناهم صراطاً مستقيماً ) فرتب الله تعالى على الجانب الفعلي السلوكي ــ لما يسمعه المسلم أو يقرأه من تعاليم الإسلام سواءً في القرآن أو السنة ــ رتب على ذلك ثواباً عظيماً يتمثل في :
    1ــ حصول الخيرية
    2ــ الثبات على المبادئ والقيم الفاضلة
    3ــ الجزاء الكبير والأجر العظيم من الله تعالى
    4ــ الهداية إلى صراط الله المستقيم التي هي أغلى وأعلى الثمرات

    نعم إن أعظم تربية يقدمها لنا القرآن الكريم من خلال مواعظه وقصصه وحكمه وأحكامه هي التربية العملية التطبيقية ، وهي ما يسمى بالسلوك ، ونلحظ ذلك جلياً في حث القرآن للمؤمنين بالتزام القيم النبيلة والآداب الفاضلة ، سواءً كانت قيماً للأنبياء والمرسلين ــ عليهم الصلاة والسلام ــ في أمر الله باتباع هديهم والإقتداء بهم ، في قوله تعالى (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) أو خاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) أو كانت القدوة في غيرهم من الصالحين ، كما في قوله تعالى (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) والهدف من هذا النمط التربوي العظيم ، هو الترقي بالإنسان في سلم الفضائل ودرجات الكمال الروحي والجسدي ، ليعيش الإنسان في سعادة أبدية ، فيجد السعادة في جميع شئونه الروحية والجسدية ، حيث أن منشأ التناقض بين الجانب الروحي والجسدي في التمتع بهذه السعادة ، منشؤه عائد إلى الإخلال بتغذيتهما أو أحدهما ، ومن رحمة الله بعبادة أن جعل لكل من الروح والجسد غذاءً يتناسب مع كل منهما ، قال ابن القيم رحمه الله : فغذاء الجسد جعله الله في الأرض وغذاء الروح جعله الله وحياً من السماء ا0هـ وليعلم الجميع أن غذاء الروح أهم من غذاء الجسد بمراحل .

    أيها القراء الفضلاء :
    ومن هنا كان ولابد أن يكون للإنسان مرجع إلهي يغذي الروح ، الذي اختص الله بأمره ، فقال تعالى : (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) ويكون مع هذا المرجع معلماً يبين للناس أفضل الطرق للإستفادة منه ، حتى لايقعوا في التخبط والضلال الذي وقعت فيه الأمم التي لا وحي إلهي لديها ولا نبي من الله يرشدها ، وبمعنى أدق أنهم تركوا العمل بالوحي المنزل ولم يتبعوا النبي المرسل ، فحصل عندهم التناقض والتخبط والضلال ، إذا أحبتي في الله إن أردنا صلاح أرواحنا وتزكية أنفسنا فلا مندوحة لنا من العمل بأصلين هامين وهما :
    1ــ إخلاص لله تعالى
    2ــ متابعة للنبي صلى الله عليه وسلم
    )فلا ثمرة لمن لا إخلاص له ولا سلامة لمن لامتابعة عنده ) والذي يعلمنا هذين الأصلين العظيمين هو من لاينطق عن الهوى بقوله (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وقوله (من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد )

    ولقد حرص النبي (صلى الله عليه وسلم) على تعليم وتدريب صحابته على أخذ القدوة منه في كل شأن وأمر ، ولن أتطرق هنا لما هو واجب أو مستحب ، وما هو من الأقوال أو الأفعال حتى لا يطول الموضوع ، ولكن في الجملة لم يكن الصحابة رضي الله عنهم يتركون سنة قولية أو فعلية أو تقريرية للنبي عليه الصلاة والسلام إلا تسابقوا للعمل بها وطبقوها سلوكاً في واقع حياتهم ، وأنكروا على من يخالف وخذوا هاتين الحادثتين :
    في مسند الإمام أحمد مارواه أبو سعيد رضي الله عنه قال : ( أن رسول الله صلى بهم ذات مرة بنعليه فخلعهما فخلع الصحابة نعالهم ، فلما سلم قال لم خلعتم نعالكم ، قالوا يارسول الله رأيناك خلعت فخلعنا ، قال : أتاني جبريل فأخبرني أن فيهما أذى فخلعتهما ، فمن صلى في نعليه فليتعاهدهما قبل أن يصلي ) وفي صحيح البخاري عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال Sadبينا الناس في صلاة الصبح بمسجد قباء ، أتاهم آت فقال إنه أنزل الليلة قرآن على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام ، فاستداروا إلى الكعبة )

    وفي هاتين الحادثتين عدة فوائد تربوية زيادة على الفقهية :
    1ــ سرعة استجابة الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلى الله عليه وسلم
    2ــ المتابعة الصادقة دون تردد أو تململ.
    3ــ أن الصحابة رضي الله عنهم ، تربوا على الصدق في القول والثقة في المنقول .
    4ــ أثمرت هذه التربية عدالة الصحابة كلهم ، والأخذ بخبر الواحد منهم،
    واستمرت وتيرة الإمتثال واتباع النبي صلى الله عليه وسلم حتى بعد وفاته، فقد حصل أن بعض الناس كانوا في مسجد الكوفة يسبحون بالحصى ، فأتى رجل يخبر بن مسعود رضي الله عنه بذلك ، فقال : يا أبا عبدالرحمن الحق بالناس فقد أحدثوا أمراً لم نكن نعهده ، فذهب إليهم فقال ما تصنعون قالوا نذكر الله فقال ابن مسعود (إما أنكم على ملة أهدى مما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم أو أنكم فاتحوا باب ضلالة ) قالوا والله ما أردنا إلا الخير فقال رضي الله عنه : (كم من مريد للخير لم يصبه)

    وخلاصة القول : أن التربية العملية هي أنفع وأفضل بإذن الله تعالى في ترسيخ القيم والمبادئ الفاضلة ، وهي التي نفعت الرعيل الأول ، وحتى ينتفع الجيل الحاضر فلا بد من العمل بها في الميدان التربوي وهي ما يطلق عليه في المصطلح الشرعي القدوة والأسوة الصالحة ( لقدْ كانَ لكمْ في رسولِ اللهِ أسوةٌ حسنةٌ لمن كانَ يرْجوا اللهَ واليومَ الآخرَ وذكَرَ اللهَ كثيراً )
    اللهم اجعلنا صالحين مصلحين ، هادين مهديين ، مفاتيح للخير مغاليق للشر.
    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 1:48 am